الدكتور موسى الحسن
مجتمع
الاثنين: 24-5-2010
لم يكن تأثير الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات مقتصراً على مجال معين دون المجالات الأخرى, فقد تأثّرت جميع المجالات بدون استثناء بتطور الحاسوب وتقنية المعلومات.
ففي مجال الطب أصبح للحاسوب قدرة عالية على معالجة المعلومات أكثر سرعة ودقة من التعامل العادي ولذلك أدخلت نظم المعلومات الطبية في مختلف المجالات والأقسام الطبية في المشافي, حيث بدأت بعض المشافي بمحاولة أتمتة بعض البرامج الإدارية والمالية وكان التطبيق محصوراً في مجالات محددة كمعلومات المرضى وبعض إجراءات المختبرات الطبية والتحليل الإحصائي, وكان لثورة التكنولوجيا أثر كبير على استخدام الحاسوب في المجال الصحي, فبعد توفر الأجهزة الحاسوبية من عتاد( HARDWARe) وبرامج (SoFt ware) وتنافس شركات البرامج في إنتاج برامج خاصة بالمجال الصحي, وانخفاض أسعار المعالجات, وسماح الشبكات الداخلية (LOCAL Area Net. Works) للمستخدم بدمج قواعد البيانات والمشاركة في المعلومات, كان هناك تطورٌ أكثر جرأة, بظهور الأنظمة الالكترونية والشبكات الحاسوبية لتسمح بتبادل المعلومات والمشاركة في نظام مركزي كبير, ومن هنا أدركت إدارة المشافي ظهور مشكلة إدارة النظام الصحي والتخطيط لتكنولوجيا المعلومات الطبية, وفي التسعينات من القرن الماضي شهدت الرعاية الصحية تطوراً آخراً وتغيراً كبيراً, خصوصاً بعد تطوير النظم المدمجة, وبظهور هذا النظام تغيّرت العلاقات في مجال الرعاية الصحية وأصبحت العلاقة الثنائية بين الطبيب والمريض مختلفة, فأصبح المريض يتعامل مع عدد غير محدد من المختصين في مجال الصحة.
غير أن التكنولوجيا في هذا المجال لم تقف عند هذا الحد وإنما خطت خطوات جديدة على المستوى العالمي, حيث بدأت إحدى الشركات الأميركية, بتسويق وبيع شريحة الكترونية دقيقة مساحتها (12×1ر2) ملليمتر, تعمل بترددات الراديو, يمكن زراعتها تحت جلد الإنسان لتربطه لاسلكياً بالأنترنت أو عبر الأقمار الصناعية لتحدد موقعه أو تقدم له سلسلة لانهائية من الخدمات في مقدمتها الخدمات الطبية والعلاجية, هذه الشريحة التي يبلغ حجمها حجم حبة الأرز تحت جلد الذراع من خلال أسلوب في الزرع يستغرق عشر ثوان فقط, وذلك ضمن برنامج مثير للجدل, يأمل الأطباء في أن يصبح يوماً ما منتجاً قياسياً معترفاً به, إذ ظهرت هذه الشريحة لأول مرة في ديسمبر 2001, وفي المجال الطبي تحتوي على رقم فريد غير متكرر, وباستخدام قارئ أو ماسح خارجي خاص يتم تمرير موجات الراديو عبر الجلد لتشحن الشريحة وتمدها بالطاقة, فتقوم بدورها ببث موجات الراديو المحتوية على الرقم المميز والمتفرّد إلى الجهاز القارئ الخارجي الذي يقوم بدوره بنقل الرقم إلى موقع مؤمن بالأنترنت عليه البيانات الصحية الخاصة بالشخص الذي زرع الشريحة, ووافق هو على وضعها بقاعدة البيانات بالموقع, وعلى الفور يتم استرجاع هذه البيانات التي تشمل جميع التفاصيل الخاصة بالسجل الصحي لصاحب الرقم ووضعها أمام الفريق المعالج, وهذه البيانات تتم صيانتها والتعامل معها بأحدث التكنولوجيا المتاحة, ويجري استخدامها أمنياً, علاوة على استخدامها طبياً كنوع من حماية أنفسهم ضد جرائم الاختطاف والسرقة, إذ تحتوي الشريحة أيضاً على معلومات شخصية, وأداة متصلة بنظام تحديد المواقع العالمية عبر الأقمار الاصطناعية لتتبع موقع الشخص أينما كان على سطح الكرة الأرضية, وهو مايتيح لأجهزة الأمن سرعة التعرف على مكانه فيما لو تعرض للاختطاف, وأيضاً التعرف على هوية ضحايا جرائم الاختطاف إذا ماتم العثور على الجثة.
وعموماً فما زلنا في بداية المشوار وإلى الآن مازال استخدام التكنولوجيا في الصحة محدوداً جداً وهناك حاجة ماسة لعدد من البرامج لتطوير الرعاية الصحية ويأمل الجميع أن تقوم الجهات الصحية بجهد أكبر في إدخال الحاسوب حتى يصبح من الممكن للأطباء تبادل المعلومات الطبية ونتائج المختبرات والفحوصات الكترونياً ويستطيع المرضى حجز مواعيدهم والاطلاع على ملفاتهم الطبية إلكترونياً كما يطلعون على حساباتهم البنكية.